وكالة أنباء الحوزة ـ اكد السيد احمد الصافي عن وجود امثال قارون الذي ذكره القران الكريم في زماننا وان امثال قارون لا يحب النصيحة و يدافع عمّا عنده واصفاً المفسد بأنه هو الذي يحاول ان يشرك الاخرين ايضاً بالفساد.
وقال ممثل المرجع السيستاني خلال الخطبة الثانية لصلاة الجمعة في 29/ذي القعدة/1437هـ الموافق 2/9/2016م ما نصه:
لا شك في ان القران الكريم فيه عِبر كثيرة وفيه قصص وفيه حكمة وفيه اوامر وفيه نواهي وبالنتيجة هو تبيان لكل شيء.. لعل القصة التي يتناولها القران الكريم قصة تهدف الى مسألة مهمة وهي العِبرة وان في القصص التي يذكرها القران الكريم واقعاً عبرة كبيرة لنا.
واضاف الصافي ما المقصود من العبرة والاعتبار، الاعتبار هو أنه عندما يُنقل لي موضوع معين وقصة معينة ايجابية فهذه القصة المعينة لابد ان تؤثر على سلوكي.. مثلا ً لو احد ينقل لي مسألة تتعلق بالرزق ويقال لي كذا وكذا وان الله تعالى رزق العبد الفلاني وهو احوج ما يكون للرزق.. لابد ان تعزز هذه القصة الثقة بالله تعالى انه هو الرازق.. وامثال ذلك..
وبيّن الصافي ان القران الكريم عندما يتحدث عن مِحن الانبياء والتاريخ الذي مرّ به الانبياء وواجه الانبياء في المقابل مجموعة من الطغاة على اختلاف القوة والضعف لكن بالنتيجة مجموعة من الطغاة يواجهون الانبياء.. فتجد مثلا ً ابراهيم (عليه السلام) وهو خليل الله تعالى.. الله تعالى يجعل مقابله طاغية من الطغاة كالنمرود وهو يحاول أن يسخر من النبي ولكن عندما يفشل في الحجة يرمي ابراهيم (عليه السلام) في النار والله تعالى ينقذ النبي ابراهيم (عليه السلام).. وهكذا بقية الانبياء عليهم السلام..
واستعرض ممثل المرجع السيستاني قصة فيها عِبرة وقال انها قد تستغرق اكثر من خطبة.. طبعاً يستفيد منها الغني و الفقير وغيرهما بمقدار ما يرتب الاثر.. مشيرا اننا نتحدث عن قصة كانت في زمن موسى (عليه السلام) ألا وهي قصة قارون.. ماذا اراد القران الكريم ان يبين لنا في قصة قارون.. وقارون يمثل الرمز لكل غني ولكل من يكتنز المال ويمثل الرمز ايضاً لكل فاسد بنص القرآن الكريم وهذا قارون كان في حالة من الزهو والغرور بحيث يرى ان ما هو فيه جاء باستحقاقه و.. ايضاً في المقابل هناك طائفتان طائفة اُعجبت بما عند قارون وطائفة اخرى عاقلة تنبهت وشعرت ان هذا الذي عند قارون ليس هو مقياس القيمة الحقيقية.. قيمة كل امرئ ما يُحسن."
وتابع ان القرآن عندما يصوّر قارون فإنه يوجد من يتشبه في زماننا بقارون والنفس نفس قاروني.. في المقابل هناك فئة عاقلة ترى ان الميزان ليس هذا ايضاً هذه الثلة موجودة...
قال الله تبارك تعالى في القران الكريم في سورة القصص: (إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِنْ قَوْمِ مُوسَى فَبَغَى عَلَيْهِمْ وَآتَيْنَاهُ مِنْ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ (76).
قارون من قوم النبي موسى (عليه السلام) وهو لم يؤمن ولكن هو من بني اسرائيل وبعض المفسرين يقولون انه من اقارب النبي موسى (عليه السلام)..
ذكرنا في السابق قضية النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) و كم من الناس كان له اعداء.. طبعاً الكثير.. و النبي جاء ودافع عن الرسالة واستشهد من اهل بيته حمزة وكان عنده مجموعة من الاعداء والمنافقين ولكن القران الكريم غالباً لا يذكر الاسماء.. لكن عندما وصلت النوبة الى ان من يعادي النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) هو من اهل بيته فالقران حما رسوله وذكره بالاسم، فابو لهب، عم النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، والقران ذكر ابو لهب بالاسم..لماذا؟ حماية للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لأن هذا من اهل بيت النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) كلامه سيكون مسموعاً اكثر عند الاعداء وممكن ان يفتري.. والقران عندما انزل فيه سورة لا زلنا الى اليوم نقول تبت يدا ابي لهب..قارون لعله ابن خالته لموسى وهو في بيت فرعون فلعل كلامه يكون اوقع على موسى من غيره فالقران ذكر قارون اضافة الى مركزه عند فرعون فقارون ذُكر بالاسم واصبحت الان الحالة الفرعونية حالة والحالة القارونية حالة خصوصاً في حالة البذخ والاسراف اصبح قارون مثلا ً من الامثلة بينما موسى وهارون دخلوا على هارون بمدارع الصوف لا يملكون شيء..ياتي القران الكريم يستعرض.. ((إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِنْ قَوْمِ مُوسَى فَبَغَى عَلَيْهِمْ) أي ظلمهم واعتدى. لاحظوا ماذا اُعطي قارون: (وَآتَيْنَاهُ مِنْ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ)، الاية الشريفة تبين اننا اعطينا قارون من الكنوز ومكنّاه من ذلك بحيث وصل الى حالة ان هذه المفاتح لتنوء بالعصبة أي المجموعة وهي قد تكون عشرة او اكثر لتنوء وتثقل بهم وهذه العصبة هم من اولي القوة وليست أي عصبة..
ونبه الصافي بقوله "التفتوا هنا (إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ (76). مع طغيانه لكن اجترأ عليه من اراد ان ينصحه قالوا له لا تفرح هذا الشيء الذي انت اتيت به مصيره قطعاً الى الزوال.. قالوا له عليك ان لا تفرح بهذه الاموال وان تنهج منهجاً آخر فيه نجاة لك، ما هو ؟ ابتغ فيما اتاك الله الدار الاخرة.
وتسائل ممثل المرجعية كيف لنا ان نطلب الدار الاخرة ؟! كيف نبتغي الدار الاخرة ؟ قطعاً الدار الاخرة لها اثاث و نريد ان نعمّر الدار الاخرة.. اطلب الدار الاخرة وحقيقة هنيئاً لمن يطلب الدار الاخرة.. وقطعاً الدار الاخرة واضح منهجها والانسان العاقل الذي مكنّه الله مالياً يستطيع ان يشري اخرته بمجرد ان يخرج من هذا الحب (وتحبون المال حباً جمّاً) كما هذا المال تشتري به سيارة وتشتري به ولاءات اشتري بهذا المال الاخرة وانت بالنتيجة تنفق المال لكن انفقه للاخرة..
حيث تبين الاية الشريفة: (وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الآخِرَةَ وَلا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنْ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ (77).
واحسن يا قارون كما احسن الله اليك، الله تعالى دائماً يُحسن الينا واعطانا المال والصحة وغيرها فاحسن يا قارون ولا تبغ الفساد في الارض وابتغ الاخرة لماذا ؟ (ان الله لا يُحب المفسدين)، لاحظوا الاية هنا لم تقل ان الله لا يحب الفاسدين، فالفاسد هو واحد لنفسه ولكن المفسد هو من يحاول ان يشرك الاخرين ايضاً بالفساد.. فهذا عنده اموال ويستطيع ان يشتري الولاءات وستجد هذا سيتلوث وغيره سيتلوث وبالنتيجة شاع الفساد.. فهؤلاء النُصحاء يمنعون قارون لا تبغي الفساد في الارض إياك..
واشار السيد احمد الصافي إلى ان عادةً المفسد وامثال قارون لا يحبون النصيحة و يدافعون عمّا عندهم.. إن الله تعالى آمنك على هذه الاموال فلا تبغي الفساد والله تعالى لا يحب المفسدين فلا تكن مفسداً حتى لا تكون مشمولاً بمبغوضية او عدم محبة الله لك..
لكن لاحظوا قارون بعد ان توسعت ثروته بالباطل أصبح في غنى عن ان يسمع و لا يمكن ان يرى ما يمكن ان يراه قبل ان يكون غنياً فالان الوضع تبدل والان يرى نفسه بشكل آخر ويرى الامور بمنظار آخر..
قال قارون: (قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِندِي أَوَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَهْلَكَ مِنْ قَبْلِهِ مِنْ القُرُونِ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وَأَكْثَرُ جَمْعاً وَلا يُسْأَلُ عَنْ ذُنُوبِهِمْ الْمُجْرِمُونَ (78).
انما اوتيت هذا المال بجهدي وبذكائي وبشغلي وبحيلتي.. ولم ينسب أي شيء الى الله تعالى.. ولا يحق لكم ان تنصحوا..
(أَوَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَهْلَكَ مِنْ قَبْلِهِ مِنْ القُرُونِ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وَأَكْثَرُ جَمْعاً وَلا يُسْأَلُ عَنْ ذُنُوبِهِمْ الْمُجْرِمُونَ (78).
حقيقة هذه الآية مرعبة– لاحظوا التهديد- الله تعالى لا يعجل بعجلة العباد.. لكن الله تعالى ذكر هذه القاعدة أولم يعلم قارون بأن الله قد اهلك واباد من قبل قارون من هو اشد منه قوة واكثر جمعاً.. فأين ذهبوا..
وختم بقوله اللهم اغفر لنا ذنوبنا ولجميع المؤمنين والمؤمنات واستجب دعواتنا واخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين.